العراق في عين العاصفة جفاف يبطش بـ أرض السواد فماهو الحل 2024

المصدر اخبار العراق 
تراجع إنتاج القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني في العراق، نتيجة التأثر بالتغيرات المناخية، فيما يؤكد مختصون أن أكثر من 75% من واردات المياه تذهب إلى الزراعة فقط، عادين ذلك خطأ كبيراً يستدعي استخدام تقنيات حديثة لترشيد استهلاك المياه.

وتؤكد وزارة الموارد المائية العراقية، أن الخزين الاستراتيجي الذي يعوّل عليه الموجود في البحيرات الصناعية، مقدم من السدود وأعمدة الأنهر فضلاً عن البحيرات الطبيعية كالثرثار والحبانية والمنخفضات الأخرى، تم الحفاظ عليه وزيادته بعد أن سجل أقل خزين متحقق في تاريخ الدولة العراقية.

إيرادات دون 50%

في هذا الصدد، قال المتحدث باسم الوزارة، خالد شمال،لي قناة اخبار العراق إن الخزين الحالي قريب من 10 مليارات متر مكعب، والوزارة تعمل جاهدة للحفاظ عليه وتنميته وزيادته، كما تأمل إيصاله إلى ما يقارب من 15 مليار متر مكعب عند نهاية موسم الفيضانات من الجليد والثلوج والأمطار والإيرادات الأخرى

وأضاف شمال، أن وزارة الموارد اتخذت إجراءات لغرض تعزيز الخزين، أهمها إزالة التجاوزات وبحيرات الأسماك والملوّثات المائية، والتي وفرت أكثر من 80 متر مكعب بالثانية"، مبيناً أن "الإيرادات الحالية أقل من 50% من الاستحقاق الطبيعي، كما أن إيرادات الفرات متدنية، وتعمل الوزارة على تغذية الفرات من بحيرة الثرثار بواقع 100 متر مكعب بالثانية، ومن نهر دجلة مباشرة مقدم سدة سامراء عن طريق المنافذ الإروائية بمعدل يقترب من 150 متر مكعب بالثانية".

الخطة الزراعية

وفيما يخص الخطتين الشتوية والصيفية، أوضح المتحدث باسم الوزارة، أن الخطة الزراعية الشتوية لا توجد فيها مشاكل، حيث تم تأمين المياه من المياه السطحية ومياه الأمطار والمياه الجوفية، أما الخطة الزراعية الصيفية المقبلة، فتأمل وزارة الموارد أن يحصل توافقاً عليها مع وزارة الزراعة بموجب المؤشرات الموجودة".

ومن أهم المؤشرات التي تؤخذ بنظر الاعتبار عند إعداد الخطة الزراعية والاتفاق عليها، هي ما موجود من مياه بالخزين الاستراتيجي أو في بحيرات الخزن الطبيعية الذي يمكن استخدامه عند الحاجة لاتمام عمليات الإرواء، بحسب شمال، أما المؤشر الثاني، فهو "الإيراد المتحقق أقرب إلى اليقين من المتوقع"، وهي إيرادات المياه السطحية أو الأمطار المتساقطة أو الثلوج الذائبة، لكن المؤشر الثالث، يعتمد على مؤشرات السوق العالمية ومفهوم مبادئ العرض والطلب والاحتياج والأمن الغذائي العالمي والمحلي.

وخلص المتحدث باسم وزارة الموارد المائية، إلى القول إن الخطة الزراعية تعتمد على سياسة زراعية ومدى استجابة القطعات كافة لتقنين استهلاك المياه وحوكمة المياه.

وتأثر القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني بالتغيرات المناخية التي ضربت العراق والمنطقة، ما أدى إلى انخفاض إنتاجية هذا القطاع بصورة عامة.

الإنتاج النباتي

وبشأن الإنتاج النباتي، ذكر الخبير الزراعي، خطاب الضامن، أن "الإنتاج النباتي انخفض بشكل كبير نتيجة لانخفاض المساحات المزروعة، سواء كانت مزروعة بالمحاصيل المروية أو بالمحاصيل الديمية التي تعتمد على مياه الأمطار".

وبين الضامن، خلال حديثه للوكالة، أن "الأمطار ومناسيب المياه في الأنهار انخفضت كثيراً، ما اضطر الحكومة إلى تقليص الخطة الزراعية التي يتم إرواءها من مياه الأنهار أو الآبار في ظل انعدام كميات الأمطار المناسبة".

وهذا ما أدى، بحسب الضامن، إلى تقليص المساحات المزروعة، وتوقف جزءاً كبيراً من المساحات الديمية المزروعة بالحنطة، (أي توقفت عمليات الاستثمار والزراعة فيها)، وهذا يعود إلى انخفاض الأمطار باستثناء بعض المناطق الشمالية التي لا تزال تهطل عليها كميات مناسبة من الأمطار، لكن توقفت عمليات الزراعة الديمية بشكل كامل في محافظات صلاح الدين والأنبار وكركوك وديالى وأجزاء كبيرة من نينوى وفي الوسط والجنوب أيضاً.

ورأى أن "الأمر نفسه ينطبق على الزراعة المروية، أي زراعة الخضروات والبطاطا والطماطم والباذنجان وغيرها من المحاصيل الغذائية الأساسية، حيث انخفضت هذه المساحات، وقطعت وزارة الموارد المائية المياه عن بعض المساحات المزروعة خارج الخطة الزراعية خلال السنة الماضية ما أدى إلى جفافها". 

وواصل الضامن، حديثه بالقول إن "الأمر نفسه حصل في مجال أحواض تربية الأسماك، حيث قطعت وزارة الموارد المائية المياه عنها لاسيما في شمال وجنوب بغداد، وتم إيقاف الآلاف من حقول تربية الأسماك وتجفيفها بشكل كامل".

الإنتاج الحيواني

وعن للإنتاج الحيواني، فإن نسبة الضرر التي لحقت به هي أقل قياساً بالإنتاج النباتي، إذ بين الضامن، أن الضرر الذي لحق بالثروة الحيوانية ليس قليلاً، لكنه أقل مقارنة بالأضرار التي لحقت بالإنتاج النباتي، وهذه الأضرار التي تعرّض لها القطاع الحيواني أو تربية المواشي تعود إلى انخفاض الأمطار ما أدى إلى حرمان المواشي من المراعي الطبيعية مع ارتفاع أسعار الأعلاف بالأسواق لأسباب تتعلق بقلّة الأمطار وبموجات التضخم الدولي.

ومع ارتفاع أسعار الأعلاف، حرمت المواشي من الحصول على مستوى ملائم وجيد من الغذاء، ما أدى إلى انخفاض الإنتاجية (من حيث التكاثر وكميات اللحم المنتجة والألبان)، بسبب عدم وجود المراعي الطبيعية أيضاً، لذلك يلاحظ أن أسعار اللحوم في ارتفاع مستمر بسبب قلّة الإنتاجية ويتزامن ذلك مع النمو المستمر للطلب عليها نتيجة للزيادة السكانية التي يشهدها العراق بشكل كبير سنوياً، وفق الضامن.

الاستهلاك المائي

وتستهلك الزراعة العراقية فقط، من 75 - 80% من واردات المياه، بسبب النظرية القديمة في السقي بالاعتماد على الري السيحي، أما الكمية الباقية فهي استهلاك مدني وصناعي بما فيه النفطي، باعتبار أن النفط يحرق 3 متر مكعب ماء مقابل برميل واحد من النفط.

أفاد بذلك الخبير المائي والبيئي، أحمد صالح، الذي أكد لوكالة شفق نيوز، أهمية ترك الري السيحي والتحوّل إلى تقنيات حديثة لترشيد استهلاك المياه بالري والتنقيط والنضح والزراعة المغلقة وطريقة الهيدروبونيك وطريقة أحواض الأسماك المغلقة، وبدأ العراق خلال العام الحالي بتطبيق هذه التقنيات في محافظة كربلاء.

وشدد صالح، على ضرورة إيجاد بدائل للمحاصيل الاستراتيجية، فلا ينبغي الإبقاء على زراعة الحنطة والشعير رغم أن هذين المحصولين متوفران في البلدان المجاورة بسعر أرخص من تكاليف زراعتهما في البلاد، لذلك بالإمكان استيرادهما بدل زراعتهما، وفي هذه الحالة سيتم توفير مياه كبيرة للقطاعات الأخرى الزراعية غير الحقلية كالبستنة.

وذكّر بأن "العراق دولة مصب يعاني من سيطرة دول المنبع (سوريا وتركيا وإيران)، لعدم امتلاكه معاهدات للدول المتشاطئة، حيث إن هذه الدول الثلاث لم توقع مع العراق أي معاهدة، لذلك المياه تجري باتجاه العراق عرفاً لا قانوناً، ولهذا السبب لم يستطع العراق الشكوى على هذه الدول بالمحافل الدولية أو بمجلس الأمن لاستحصال حقوقه، على اعتبار أن لا حقوق لديه كونه لا يملك معاهدة

وزاد بالقول: لذلك من الضروري العمل الدبلوماسي مع هذه الدول وتحقيق معاهدة، لأن المعاهدة ملزمة ويعاقب من يخلّ بها من قبل مجلس الأمن"، مؤكداً أن العراق فيه ينابيع داخلية تشكيل 30 بالمائة من الإيرادات السنوية للمياه، أما الباقي فهو من تركيا بنسبة أعلى وإيران بدرجة أقل

وأشار صالح إلى أن "نسبة الجفاف أثرت على مناطق الوسط والجنوب، وكلما كان التوجه إلى الجنوب أكثر كان الضرر أكبر، على اعتبار أن مصادر المياه هي في المناطق الشمالية والوسطى"، مردفاً بالقول: "نسبة الجفاف أثرت على فقدان مئات الآلاف من الوظائف المرتبطة بالمياه، كمهنة الزراعة وصيد وتربية الأسماك، وكذلك الطيور".

ولفت إلى أن "أزمة المياه تأثرت بها مزارع الشلب والحقليات في مناطق الفرات الأوسط، لكن في الجنوب العراقي، على سبيل المثال فقدت محافظة ميسان أهوارها بنسبة 100 بالمائة بسبب الجفاف، فلم تعد هناك أي أهوار في العمارة، والناصرية بنسبة 80 بالمائة، والبصرة كذلك، كما أن بابل تضررت بالجانبين الزراعي ودرجة أقل الحيواني

وأضاف أن أسعار الأعلاف ارتفعت بعد أن كانت 200 ألف دينار للطن الواحد، ارتفعت حتى وصلت إلى مليون وربع المليون دينار للطن، وعادت إلى مستوى 600 ألف دينار للطن موضحاً أن "الجفاف أثر أيضاً على القطاع السياحي وما يشمل ذلك من شركات السياحة والفنادق والمطاعم وغيرها من القطاعات

ويعاني العراق منذ القرن الماضي من تزايد مستوى الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، فضلاً عن تراجع المسطحات المائية وتناقص الأمطار وشح المياه بشكل عام، حتى بات من أكثر خمس دول تأثراً بتغير المناخ في العالم، ما أدى إلى جفاف 70% من الأراضي الزراعية، ونزوح سكانها إلى مناطق حضرية للعيش، كما جفت الأهوار وتراجعت مناسيب الأمطار، رافق ذلك سوء إدارة الحكومات المتعاقبة لأزمة المياه، وعدم اتخاذ إجراءات تتصدى لإنشاء دول المنبع، مثل تركيا وإيران، سدوداً أثرت بشكل واضح في الخزين المائي، ومن ثم في الخطة الزراعية التي تعتمد جذرياً على الوفرة المائية.

إرسال تعليق

أحدث أقدم